كان بالنسبة إليها أكثر من حبيب، قَضَتْ وإياه أحلى لحظات عمرها، عوضها مآسي ماض مرير، قِوامُه الشِّقاق الأسري والحرمان العاطفي، لكن... ومنذ أولى لقاءاتهما، بدأت تتبدَّى لها الأشياء نعيما، فأخذت في لقاءه انتظاما، كان مُولعا بها حقيقة، تقدم لخطبتها يوما، واتفقا على تعجيل عقد القران لنفاذ الصبر من الانتظار...
في إحدى ليالي تجوالهما بمكان ليس ببعيد عن وسط
المدينة، أخذا يتخبطان الشوارع حديثا في غياب القصْد، حتى فوجئا بثلاث ٍغِلاظٍ شِدادٍ،
استوقفوهما على حين غرة، شدَّهُ أحدهما إليه بقوة، وسلَّ من مكان ما سكينا رفيعا، وضعه
بخفة متناهية على رقبة الخطيب، آمرا إياه بالجمود. في نفس الوقت، قام الآخران بإحكام
الفتاة، وأخذ أحدهما في نزع ما على جسدها من ملابس، أخذت في الصراخ قدر الإمكان، حتى
أخرستها طعنة على خدها الأيمن أوقعتها في غيبوبة...
لم تدرك نفسُها تتمة الحَدث، حتى أوجدت نفسها
طريحة سرير المستشفى يحوم حولها الأهل وبعض الجيران، أحست تهالك جسدها، توجعت فيما
توجعته عميقا بين فخديها، آنذاك فقط استطاعت إعادة نسج خيوط القصة، واكتملت الصورة
في ذهنها على نحو درامي، ثلاث حمير تناوبوا جسدها الهزيل، وماذا كان مصير الخطيب؟
طبعا لم يكن حاله أشد سوءا، كان حظه أن كان ذكرا،
ضُمِّدت جروحه بكوب ماء، لكن... جروحها هي، ما كانت تكفيها ضمادات ولا عقاقير الطبيب،
ما كانت تكفيها شفقة الحاضرين، كانت في حاجة إلى شيء أبلغ من هذا كله..
قصتها على كل لسان، وهو ابن الجيران، كيف له
أن يرتضيها خطيبة بعد الذي حصل، نرجسيته لن تسمح أن يحكم عليه القدر بالمرتبة الرابعة
من الطابور، أكيد لن يقبل، يجب أن يحفظ ماء وجهه ويختار الصواب كما يرتئيه، وكذلك فعل...
جمع أغراضه، وغاب عن المدينة، دون أن يفسخ الخطوبة،
ودونما اعتذار...
بينما الفتاة التي وقعت ضحية الاغتصاب الثلاثي، ضحية
لا رحمة المجتمع، ضحية لا رحمة الحبيب... حقيقة لم أجد لها خلاصاً يَخْتِم القصة، ربما
تنتحر، ربما تُجَن، ربما تَعْهُر، لكن، أن تعود لسابق عهدها، أكيد لا !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق