حملق طويلا في وجهه على المرآة، تفحص تجاعيد وجهه المُشَكَّلَة
حديثا، ثم صَوَّبَ نظراته نحو جنبات رأسِه، أعلى أذنيه بقليل، أصابه الذهول من الشيب المنبثق كثيفا، أدرك
بمرارة إقباله على الذبول دون أن يلقى له جَبْرا...
لقد تدهورت حالته النفسية قبل هذا الحدث بكثير، فبدأت
سلوكاته تأخذ طابعا متَوتِّرا، وبدأت العصبية تفعل فعلتها في الرجل، والزمن يأخذ
في التهامه على مهل.
لكن ما سبب كل تلك العصبية؟ أيكون الرهبة من الفناء؟ إنه
يعتقد ذلك، لكن ربما يكون غير ذلك تماما، فسلوكياته طالت الأبناء والمعارف على حد
سواء، لم يعد ينفق مليما على أسرته الصغيرة، كما بدأ ينمي بقوة تمييزا ما بين
الأبناء، فبدأ يعَلي من قيمة الذكر، ويحط من بناته أشد حِطَّة، تنامَى هذا الشعور
مُذ تزوجت بنته الكبرى، أحس كل ما أنفق يُنتزع منه على حين غرة، تَحَمَّلَها في
صغرها ووسَخها، ونالها مَن كانت نصيبه دون أن يجهد في ذلك، وكانت خلاصته في ذلك أن
ما فائدة البنات إن كان يستفيد من تمارهن الغرباء.
وكان من غريب الصدف أن بنتا أخرى ختمت عنقوده، كانت تسلب
منه أحلى لحظات حياته الزوجية، فأخذت الغيرة تنخر قلبه المنكوس، وتذكي حقده
الدفين...
أشياء وأشياء أخرى قد تلعب بشكل حاسم في تحديد مكمن
الخلل، المهم، قرر أن يدلف إلى الدكتور النفسي، وسأوافيكم بمخاض الجلسات عما قريب !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق