الاثنين، 22 ديسمبر 2014

-        أنا لم أجبركِ على العمل عندي، لكِ كامل الحرية في اختيار العمل الذي يليق بكِ، راتبكِ الشهري لن يتجاوز 1500 درهم، ولكِ أن تقبلي أو ترفضي.
غادرته منقبضة الأنفاس وهي تلوك كلماته الطاعنة، لم يكن الوحيد الذي تلفظ بها، كلهم نهلوا من نفس البئر، كلهم حفظوا نفس الأسطوانة، لعنت الحرية ومن خلفها، أي حرية تلك التي نسب إليها، وكأن الشغل بطاطس، شرعت تُفصل المفاهيم وتضع الفرضيات، كيف يتداخل مفهومُ الحرية ومفهومَ الإكراه، أهي حرة حقا أم مجبرة على اختيار العمل الذي يفرض فيه عليها رب العمل الشروط التي تستهويه، استنتجت أن مفهوم الحرية أكذوبة داخل علاقات الإنتاج الرأسمالي، رتبت أفكارها ووضعتها على منشورات، أخذت توزعها على أبواب المصانع، بلغ الباطرون أمرها ، استنجد بالسلطات، احتشد حولها من احتشد، وهي ترسل كلماتها بقسوة.

أحست نفسها تنتزع من مكانها بقوة، لم تستفق إلا في ظلمة سرداب، عرفته سردابا للقليل من الضوء المتسرب على جنبات الباب المرفوع إلى السقف. استشعرت أوجاعها في كل مناحي جسمها، ساءلت نفسها بعدما أدركت أن مختطفيها من أجهزة الدولة، ما دخل الدولة في صراعي مع تلك البرجوازية مصاصة الدماء، أدركت المعنى، جمعت الخلاصات، لم تجد قلما بالسرداب، أملت استذكارها بعد الإفراج، سرعان ما حضرها السجانون، أخذوها إلى سيدهم، أغزرها صفعا وركلا ووعيد، لم تحتمل، تقيأت دما ونزفته، أيقنت جدية المعركة فأعرضت عنها، لها أبناء خافت فقدانهم، دنت إليهم واحتمت بدفئهم، ونزعت عن عقلها كل ما خلصت إليه، لتساوم الجوع بالأمان..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق