الاثنين، 22 ديسمبر 2014

الشباب ساخط على كل حال


استقلت الأوطوبيس عائدا إلى البيت بعد فترة استجمام على الشاطئ، لم أستطع الانسلال إلى الداخل إلا بشق الأنفس، بعد تدافع أنهك عظامي، الكل كان يتسابق حتى لا يدركه وقت نهاية رحلات الأوطوبيس، نساء يحملن رضعا حديثي الولادة يقحمن في الزحام، وكهل تكاد أجسامهم تخور لفرطهم في السن، وشباب يتسلق أجساد الكل ليرتمي إلى الداخل غير آبه بأحد، مشهد يفقد المقحم فيه إنسانيته، وبعد أن تمتلئ الحافلة عن آخرها، يشرع الشباب "المراهق" في كسر الحدود، وهدم الطابوهات على رؤوس الغارقة أدمغتهم في وحل الاحترام والعيب و"حشومة" فتنهال شتائمهم المنغمة على شاكلة أهازيج أو أغان شعبية، على البوليس والمسؤولين والوزراء، ولا يستثنون في ذلك العامل المأجور الذي يقود الحافلة، كلهم سواسية في حضرة عدالتهم، وهذا حال الشباب، يجدون قوتهم وأنفسهم في تحدي كل ما هو نظامي، تتكرر نفس المشاهد في الملاعب، وإن دل الأمر على شيء فهو مدى الهوة العميقة التي تخلفها الأنظمة المجتمعية بين البائد والآتي، نتيجة عدم استيعاب ميكانيزمات التحولات الاجتماعية العميقة والمتسارعة الناتجة بدورها عن تركيز قيم الاستهلاك على حساب قيم الإنتاج، وتبقى هذه الشريحة الاجتماعية الواسعة محط انسياب عام تفشل القوى التقدمية بدورها في تأطيرها وتنظيم حماسها ونشاطها الزائد لصالح المشروع المجتمعي الذي تنشده، فشل حاصل عن نقص الإبداع والغرق في منطق الأستاذية والمثقف الحاذق وتقاليد نضالية لا تستهوي تلك الشريحة، والواقع أن هذه الأخيرة أساس عملية التغيير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق