الاثنين، 22 ديسمبر 2014

بيتاهما متجاوران، تسكن أجسادهما الشمس من مشرقها إلى مغربها، الأول بائع متجول "جافييل"، والثاني عامل "مُوقف"، يكافحان شظف العيش، كل منهما يعيل أسرة قلما يتذكران عدد أفرادها، لا يتقابلان وسط الطريق إلا وتأفف أحدهما تقززا من الآخر، يبغضان بعضهما البعض أشد البغض، إذا سمعت أهازيجا وزغاريد في بيت الحسين، فاعلم أن بيت جاره ادريس قد تحول إلى مأتم، على هذه الحال يتذكرهما أبناؤهما، وهما على ذلك منذ أن أدخلا التلفاز إلى بيتهما، فإدريس يعشق الريال، والحسين مولع بالبرصا، بالكاد تجد فراغا على جدران بيتيهما إلا وعليه صور فريقيهما، يسمع صياحهما وقت المقابلة على بعد أميال، يترقبان أخبار اللاعبين والفريق بلهفة، ويتفاخران بالإنجازات. أيام البطولات إجازاتهم على مضض، غير آبهين بإملاقهم، فحسبك أن تراهما ينفقان ساعات في حساب ميزانية الفريق، وكم يكلف ذاك اللاعب من ذاك، وألسنتهم تَعُد ملايين الأوروات، وليس بجعبتهم ما يغطي قوت أسبوع...

هناك...خلف البحار، ينعم ميسي ورفاقه، وكاسياس ورفاقه، بالرغد، غير مدركين لما خلفوه من حرب ضارية بين ادريس والحسين، لم يعرفوهما يوما ولن يتشرفوا بمعرفتهما، فهما مجرد حثالة المجتمع، أوباش وجردان نثنة تقطن دور الصفيح. انتهت حياة إدريس فداءا للريال، بعد أن توالت هزائم الفريق، أهلك نفسه وأسرته حرقا بعد انتهاء الشوط الأول لإحدى المقابلات. لم يمر أكثر من أسبوع حتى ذاع خبر انتحار الحسين، ليس لهزيمة البرصا، لكن آسى على فقدان وعاء ضغينته. أذرفت مقل الفريقين وديانا من الدموع، اختفت على إثرها إسبانيا مِن الخريطة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق