الاثنين، 22 ديسمبر 2014

اشتغل أستاذ بمؤسسة ابتدائية خاصة، جاءها وكله طاقة وأمل وشوق لإنجاز ما افتقد الصبر إليه الأولون، كان يرفض بشدة تلك الطرق المسيدية التقليدية، ويعتبرها قاعدة الأزمة، كان ذو رصيد نظري بليغ، لكنه افتقر إلى التجربة...

قبل مزاولة التدريس، كان يلتهم الكتب التهاما، اهتواها قبل أن يُضِيعَها هِوايةً بالتدريج تحت ضغط التوتر والإرهاق، أفنى إحدى عشر حولا في تكوين المُعجِز المُستحيل، أو هكذا ارْتآه، لم يدخر وقتا ولا طاقة إلا وأنفقها ركضا خلف ذاك المستحيل، حتى أتاه الصلع قبل موعده، لم يكن الوحيد الذي استعجله، أصيب بداء السكري والاكتئاب وارتفاع مستوى ضغط الدم، ضَعُف سمعه وتقوس ظهره وهو الذي لم يتجاوز سن السابعة والثلاثين إلا بمحنتين، كانت مدرسة خاصة، وكان بين فكي الإدارة الربحية وتنزيل آخر المستجدات الديداكتيكية، بين الإدارة التي يرتكز طموحها على الحشد ما دام يضاعف هامش الربح، وبين ما حصله نظريا وما يتطلب تنفيذه أساسا من ترشيد للموارد البشرية، كان بين ذينك الكفين، وسهم إرضاء أولياء أمور التلاميذ الموجه صوبه، حتى فقد صوابه، غادرها مكبلا بعد أن ألبسوه أبيضا، تداول التلاميذ أخباره همسا ساخرا، حتى تلاشى اسمه وأمحاه الزمن..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق